بورصة ناسداك تستضيف فايس بوك
كما سمعتم جميعاً في الأخبار أن طرح شركة فايسبوك للإكتتاب العام سيكون اليوم الجمعة، وهذا الإكتتاب يعد من أهم العمليات التي جرت في تاريخ الأسواق المالية الأمريكية خصوصاً والعالمية عموماً.
وستطرح الشركة 421 مليون سهم بسعر 38 دولار للواحد، مما يجعل قيمة الشركة السوقية 104 مليار دولار، وهو أعلى من قيمة موقع أمازون و ماكدونالدز و والت ديزني و أعلى قيمة اكتتاب لشركة تقنية في التاريخ وثالث أعلى قيمة اكتتاب على الإطلاق لشركة في الولايات المتحدة بعد فيزا وجينيرال موتورز.
سأوضح في هذا المقال بعض المفاهيم حول البورصة وذلك لتسهيل إيصالها لغير المختصين.
بداية لنقل أن البورصة هي سوق، تماماً كأي سوق آخر .. فيه بائع ومشتري وسلع .. تأتي الشركة التي نوعها " مساهمة " ببيع أسهمها فيه .. ويأتي المشتري ويدفع ثمن السهم ( السلعة ).
ماذا يعني شركة مساهمة؟ يعني أن رأس مال الشركة مقسم إلى حصص كل منها يدعى سهم. وهو يشير إلى مساهمة الناس في تمويل و إدارة الشركة.. ومن هنا جاءت تسميته سهم share
ماذا يعني إكتتاب عام؟ يعني أن تطرح الشركة جزء من رأس مالها أو كله للبيع لعموم الناس ( الإكتتاب ).
ماذا يعني قيمة سوقية؟ أي ماهي قيمة الشركة اليوم في السوق ، وهي حاصل ضرب سعر السهم السوقي بعدد أسهم الشركة. وهذه القيمة تتغير يومياً بحسب تغير سهر السهم.
لماذا بورصة ناسداك؟ يوجد في أمريكا عدة بورصات، لكل منها إختصاص إن صح التعبير.
تماماً كالأسواق .. حيث سوق السيارات في مكان وسوق الخضار في مكان وسوق العقارات في مكان والذهب في مكان .. لا نجد أسواقاً تبيع كل شيء مع بعضه.. و بورصة ناسداك هو السوق المختص بالشركات التكنولوجية فقط، أي تلك الشركات المتعلقة بشكل أو بآخر بمجال التقنية عموماً سواء كانت إتصالات خليوية أو مخدمات شبكات أو مواقع إنترنت وغيرها.
ماذا يعني الرمز FB في بورصة ناسداك؟ هو ببساطة رمز السهم لتمييزه عن مئات الأسهم الأخرى، حيث كما لكل متجر في السوق اسم تجاري يضعه في الواجهة ليميزه عن البقية، فالأسهم أيضاً تملك رموز عادة مايكون حرفين او ثلاثة مشتقين من اسم الشركة، وذلك حتى لا تضع كامل إسم الشركة وبخاصة لو كان طويلاً.
في أمريكا هناك عدة أشكال من الأسهم، في حالة فايسبوك مثلاً صنفت الأسهم ضمن فئة (A) التي تعطي صاحب السهم صوتا واحدا فقط بينما تعطي فئة (B) عشرة أصوات. وطبعاً لكل منهما سعره وحقوق و واجبات مختلفة.
و يسيطر حملة الأسهم ( مشتري الأسهم ) على إدارة الشركة عن طريق التصويت على القرارات الرئيسية فيها وذلك في الإجتماع السنوي الذي يقام لهم واسمه ( الجمعية العمومية )، وبالتالي كلما كان لديك كمساهم عدد أكبر من الأسهم فيكون لديك أصوات أكثر بالتالي قدرة على السيطرة على الشركة بشكل أكبر.
لكن لاتفرح على نفسك وتعتقد أنك تستطيع شراء فايسبوك مهما اشتريت من أسهم، لأن المطروح فقط 15% من رأس مال الشركة، عدا أن مارك زوكربيرغ لازال يحتفظ بـ 57.3 بالمئة من الأسهم إذن لايزال مالكاً للشركة بشكل أو بآخر حيث الحصة الأكبر من السهم تعود له.
تطلق على السوق التي تباع فيها أسهم الشركة لأول مرة، اسم " السوق الأولية"، لكن ماذا لو لم تتمكن من الشراء عند أول مرة؟ حسناً عليك التوجه إلى بورصة ناسداك و وضع طلب الشراء ليبحث لك النظام عن طلب بيع يتوافق مع السعر الذي تضعه وتتم الصفقة، وهذا السوق يسمى " السوق الثانوية" وهنا يكون بائع السهم هو المساهم تمييزاً عن السوق الاولية التي يكون فيها بائع السهم هو الشركة المصدرة له.
لكن مهلاً؟ .. وهل هناك إحتمال أن لا أتمكن من الشراء أول مرة؟ طبعاً، لأن عدد الأسهم المطروحة للبيع محدود، والأولوية تكون عادة لصغار المستثمرين ..
أي تتم عملية تدعى بالتخصيص، وبمقتضاها يحصل من طلب شراء عدد كبير على جزء من الكمية التي طلبها، في حين يحصل المساهم الذي طلب شراء عدد صغير من الأسهم على كامل الكمية التي طلبها، وبهذه الطريقة تتحقق العدالة نوعاً ما بحيث يتمكن الجميع من الحصول على الأسهم، أما من طلب شراء عدد ضئيل جداً من الأسهم قد لا ينفذ طلبه وذلك حسب آلية التخصيص المتبعة.
أخيراً.. لاشك أن دخول شركة تقنية بدأت من غرفة سكن جامعي إلى بورصة ناسداك ووصول قيمتها السوقية لأكثرمن مئة مليار دولار، يشير تماماً إلى أن مشاريع الإنترنت ليست مجرد هوايات أو ألعاب مراهقين، بل هي مشاريع تجارية ناجحة تماماً كالمشاريع الأخرى وأحيانا أكبر منها حتى.